الواحة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الواحة

منتدى تونسي : مصافحة لكل العرب من المحيط إلى الخليج
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الرواية الكاملة : زوربا

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 2502
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 21/01/2007

بطاقة الشخصية
المؤهل العلمي: جامعي
بدايتى مع الأنترنات: 2002
نوع الجوال: samsung E760

الرواية الكاملة : زوربا - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الرواية الكاملة : زوربا   الرواية الكاملة : زوربا - صفحة 3 Status10الجمعة يوليو 06, 2007 5:27 pm

واستيقظت
مبكراً في
اليوم التالي، فخرجت إلى الشاطئ وسرت في الطريق إلى القرية..

كان
قلبي يثب بين
ضلوعي.. وكنت أشعر بسعادة لم يسبق أن شعرت بمثلها في حياتي..

كانت
سعادة غير
عادية.. ليس لها ما يبررها.. بل ضد كل ما يمكن أن يبررها.. فلقد
فقدت كل شيء
.. ثروتي، ورجالي، وعرباتي والخط
الهوائي.. وانشأت ميناءاً صغيراً لا أملك الآن ما
أشحنه منها..

وفي
هذا الوقت الذي فقدت فيه كل شيء.. غمر قلبي هذا الشعور غير
المنتظر بالخلاص..

انها
لمتعة أية متعة، ان يختبر الانسان شجاعته ومدى قدرته
على الاحتمال حين تسوء أموره وتتقطع
به الاسباب
!!

وعدت
إلى الكوخ حول الظهر
وأنا متعب منهوك القوى.. ولكن راضي النفس.

واستلقيت
على فراشي، وغلبني النعاس
فنمت، ورأيت فيما يرى النائم أنني أسير وحدي في أحد شوارع
أثينا.. وان الشوارع
مقفرة، والحوانيت مغلقة.. وبينما أنا أمر بكنيسة
(كابذيكاريا)، اذا بي ألتقي بصديقي
ستافريداكي، الغائب في القوقاز.. فسألني بأنفاس لاهثة:

-
ماذا
تفعل هذه الأيام
.. انني لم أرك منذ قرون.. قابلني
الليلة لنتجاذب أطراف الحديث
.

-
أين؟

-
في مقهى (نافورة الجنة).

-
حسنا..
سأذهب إلى هناك
..

فقال
عاتباً
:

-
أنت
تقول
ذلك ولكنك لا تذهب.

-
بل
سأذهب .. وهاك يدي
..

وأمسك
بيدي.. وهالني أن شعرت
بأن يده باردة كالثلج.. فنهضت من نومي مذعورا.. واتجهت
ببصري نحو الشرق.. نحو
القوقاز.. لا بد أن يكون صديقي هناك في خطر.

انتهى
كل شي.. وجمع زوربا الاسلاك
والادوات والعربات والاخشاب وقطع الحديد في كومة كبيرة على
الشاطئ استعدادا لشحنها
على احدى السفن.

قلت:

-
انني
اقدم كل هذه الاشياء هدية لك يا زوربا.. فخذها،
وأتمنى لك حظا سعيدا..

فابتلع
زوربا لعابه بصعوبة كمن في حلقه غصة وغمغم
قائلاً:

-
هل
سنفترق؟ إلى أين ستذهب؟


-
ربما
ذهبت إلى أثينا.. هناك كتب يجب
أن أقرأها وأخرى يجب أن أكتبها.

-
ألم
تتعلم بعد أشياء أفضل من القراءة
والكتابة؟

-
بل
تعلمت الكثير يا زوربا، والفضل لك
.

-
وماذا
سأفعل بدونك؟


-
لا
تحزن يا زوربا.. فسوف نلتقي مرة أخرى
.

وجلس
زوربا على الارض، وأسند ظهره إلى
جدار الكوخ، وراح يشرب الكأس تلو الكأس.. دون أن ينطق بكلمة.

قلت
لنفسي
:

-
يجب أن
أنظر إليه جيدا.. حتى تنطبع صورته في ذهني.. لأننا لن نلتقي بعد ذلك أبداً
..
أبداً.

ووددت
أن ألقي برأسه على كتفي وأبكي، ولكني خجلت، ثم حاولت أن أضحك
لأخفي تأثري وانفعالي، ففشلت..
وأحسست بغصة في حلقي
.

نظرت
إليه وهو يمط عنقه
الطويل المغضي كأعناق الطيور الجارحة ليشرب في صمت، وعجبت
للحياة! أن الناس
يتقابلون ويفترقون، ويحاول الانسان ان يحتفظ في ذهنه بصورة
لوجه الشخص الذي أحبه،
أو لحركة من حركاته.. ثم تمضي الأيام والسنين فاذا هو لا
يذكر حتى لون
عينيه..

واستمر
زوربا يشرب في صمت، دون أن يبدي حراكاً وخيل إلي أنه ينصت إلى
وقع أقدام تقترب في الظلام،
أو أقدام تنسحب من أعماق كيانه
.

-
فيم
تفكر يا
زوربا؟

-
فيم
أفكر؟ انني لا أفكر في شيء لا أفكر في شيء على الاطلاق
.

-
اذن فاعزف شيئا على السانتوري..

-
ألم
أقل لك ان العزف على السانتوري يتطلب البهجة
والمرح والقلب السعيد؟ قد أستطيع أن
أعزف بعد شهر أو شهرين، ويومئذ سوف أعزف قصة
شخصين افترقا إلى الأبد.

فصحت
في ذعر
:

-
إلى
الأبد
!!

والواقع
أنني همست
بهاتين الكلمتين لنفسي، ولكني لم أتوقع أن يقالا بصوت مسموع..

فقال
زوربا وهو
يبتلع لعابه بصعوبة:

-
نعم..
إلى الأبد.. ان ما ذكرته الآن عن احتمال لقائنا
يوماً ما، هو من قبيل الكلام الذي
يقال لانسان مريض لتشجيعه على احتمال آلامه
.. وأنا لا أقول هذا الكلام ولا اريده..
هل نحن ضعاف كالنساء لكي نحتاج إلى عبارات
التشجيع والمواساة؟ نعم.. انا
سنفترق.. إلى الأبد
..

وصمت
لحظة ثم استطرد
:

-
لقد آن
لك أن تأوي إلى فراشك يا صديقي.. اذ يجب أن تستيقظ في الفجر اذا شئت أن
تستقل السفينة إلى كانديا..
طابت ليلتك
..

-
ليست
بي الرغبة إلى النعاس يا
زوربا.. سأبقى معك.. فهذه ليلتنا الأخيرة معاً..

-
ولهذا
يجب أن ينتهي الأمر
بسرعة.. طابت ليلتك.

وخرج
إلى الشاطئ دون أن يلقي وراءه بنظرة واحدة وهناك تمدد
فوق الحصى وأدار وجهه إلى البحر.

ولم
أره بعد ذلك أبداً.. فقد رحلت في الفجر
.. دون أن يقع عليه بصري.. وربما كان قد
أختبأ في مكان ما ليرقبني حين أرحل.. حتى لا
نضطر إلى تبادل كلمات الوداع المؤلمة
والتلويح بالايدي والمناديل
..

كان
فراقنا
قاطعا كالسيف.

وفي
كانديا تسلمت برقية أرسلت رعدة في جسدي، فقد كنت أتوقع ما جاء
فيها..

كانت
تتضمن سطراً واحداً
:

- "
ستافريداكي
أصيب بالتهاب رئوي وتوفي
أمس".

ومرت
خمسة أعوام
.

خمسة
أعوام طويلة مضنية حافلة بالآلام والاهوال،
تغيرت خلالها الحدود، فاتسعت دول
وانكمشت دول أخرى. وهلك ملايين الناس
.

وخلال السنوات الثلاث الأولى، تلقيت
بضع بطاقات من زوربا.. قال في احداها أنه وصل إلى دير
مونت اتوس، وانه لا أمل في الحصول
على عمل هناك، (لأن رهبان الدير من البخل
والتقتير بحيث يسلخون براغيثهم) وقال
في بطاقته الثانية، انه تعب من حمل الببغاء
معه إلى كل مكان يذهب إليه.. وانه
اهداها إلى أحد الرهبان وأستحلفه أن يعلمها
الصلاة".

وقال
في البطاقة الثالثة انه لا يزال على قيد الحياة، وانه يعمل في
مناجم رومانيا ويأكل عصيدة
الذرة ويشرب الفودكا.. ومنذ عامين بعث إلي برسالة من
سيبيريا يقول فيها:

"
البرد
هنا مخيف، ولذلك اضطررت إلى الزواج، واذا قلبت هذه
البطاقة، طالعك وجه زوجتي، انها
متضخمة قليلا.. والسبب انها ستضع زوربا صغيرا
.. انني أقف الى جانبها مرتديا الثوب
الذي اهديتني إياه.. أما خاتم الزواج الذي في
اصبعي فانه خاتم بوبولينا المسكينة..

الزوجة
الجديدة تدعى ليوبا، ومعطف الفراء
الذي أرتديه هو جزء من بائنة (دوطة) زوجتي. وقد أحضرت لي
زوجتي فرساً وسبعة خنازير
وطفلين من زوجها الاول..

انني
أعيش كالباشوات.. فقد وجدت منجم نحاس في أحد
الجبال، كما وجدت رأسماليا لتمويله..

وانقطعت
أنباء زوربا بعد ذلك، إلى أن وردت
لي أخيراً رسالة من قرية سكويلي في سيبيريا مكتوبة باللغة
الالمانية بخط لا أعرفه
وقد جاء بها:

"
أكتب
إليك، أنا ناظر مدرسة هذه القرية، لكي أنهي اليك نبأ وفاة
اليكسيس زوربا صاحب منجم نحاس هنا
الذي توفاه الله في الساعة السادسة من مساء يوم
الاحد الماضي.

"
وقد
دعاني الفقيد قبل موته، وقال لي: اصغ إلي أيها الناظر.. ان
لي صديقاً في اليونان فمتى مت، فاكتب
إليه وقل له انني احتفظت بجميع حواسي حتى آخر
لحظة.. وانني غير آسف على شيء فعلته
.. وانني أرجوا له أن يعود إلى صوابه
..

"
وأصغ
أيضاً أيها الناظر.. اذا جاء قس للصلاة على جثماني فاطرده، وبسرعة، وقل له
انني أريد لعناته لا صلواته..

لقد
فعلت أشياء كثيرة في حياتي.. ولكني لم أفعل كل
ما كنت أريد أن أفعله، ان الرجال
الذين على شاكلتي يجب أن يعيشوا ألف عام طاب
مساؤك.

تلك
كانت آخر كلماته، وقد جلس بعدها في فراشه. ثم حاول النهوض. فأسرعنا
إليه، أنا وزوجته، وبعض
الجيران، لكي نمنعه، ولكنه نحانا جميعاً بخشونة ووثب من
الفراش وسار إلى النافذة، وتعلق بها،
وأرسل بصره إلى الجبل.. وفتح عينيه وجعل
يضحك..

ومات
وهو واقف أمام النافذة وأظافره مغروسة في اطارها
..

وقد
طلبت إلي
زوجته ( ليوبا) أن أكتب إليك وأبلغك تحيتها وأقول لك أن الفقيد كان
يتحدث عنك كثيرا
وانه أوصى لك بالسانتوري لكي تذكره به.

"
والارملة
ترجوك اذا مررت بهذه القرية ان
تنزل في ضيافتها لكي تأخذ السانتوري معك عند رحيلك".







تمت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alwaha.ahladalil.com
 
الرواية الكاملة : زوربا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 3 من اصل 3انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الواحة :: الواحة المعلوماتية :: الكتب الإلكترونية-
انتقل الى: